Admin Admin
Messages : 186 Date d'inscription : 02/02/2010
| Sujet: الهجرة النبوية دروس وعبر Lun 8 Fév - 14:03 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم.
فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان :
الحمد لله رب العالمين ، شرع الهجرة ووعد المهاجرين إليه أجرًا عظيمًا ، فقال في كتابه العزيز : ﴿ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ . [ النساء : 100 ] ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائل : ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه : ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ ﴾ . [ الأنفال : 72 ] . وسلم تسليمًا . أما بعد : أيها الناس : اتقوا الله تعالى وادرسوا سيرة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - واقتدوا به ، فقد أمركم الله بذلك في قوله تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ﴾ . [ الأحزاب : 21 ] .
عباد الله : إن من الناس اليوم من لا يعرف عن هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، إلا أنها ذكرى تمر كل عام وتقام بمناسبتها احتفالات وخطب ومحاضرات لمدة أيام ثم تنتهي وتنسى إلى مرور تلك الأيام من السنة القابلة دون أن يكون لذلك أثر في سلوكهم وعملهم ، ولذلك تجد بعضهم لا يهاجر من بلاد المشركين إلى بلاد الإسلام كما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل على العكس فإن الكثير منهم ينتقل من بلاد الإسلام إلى بلاد المشركين لا لشيء إلا للترفه والعيش هناك بحرية بهيمية ، إن ذكرى الهجرة يجب أن تكون على بال المسلم طول السنة لا في أيام مخصوصة ، فإن تحديد أيام مخصوصة للإحتفال بمناسبة الهجرة النبوية أو لتدارسها إن هذا التخصيص بدعة : ( وكل بدعة ضلالة ) ، فلم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته ولا القرون المفضلة من بعدهم يخصون هذه المناسبة باحتفال يتكرر كل عام ، وإنما كان السلف الصالح والتابعون لهم بإحسان يدرسون سيرة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - للإقتداء بها غير متقيدين بوقت معين .
ثم إن الهجرة هجرتان الهجرة الأولى : هجرة قلبية إلى الله بعبادته وحده لا شريك له ، وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - باتباعه وفعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) ، وهذه الهجرة ملازمة للمسلم طول حياته لا يتركها أبدًا .
والهجرة الثانية : هجرة بدنية وهي تتضمن الهجرة القلبية ، وهذه الهجرة هي الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، وهذه الهجرة تجب عند الحاجة إليها إذا لم يستطع المسلم إظهار دينه في بلاد الكفر . فاتقوا الله عباد الله ، وادرسوا سيرة نبيكم واستفيدوا من أحداثها العبرة والقدوة : ﴿ وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ . [ آل عمران : 132 ] الهجرة النبوية .. دروس وعبر.. ومعجزات حسية
بغداد ـ طالب حنويت : لم تكن الهجرة النبوية في الحس الاسلامي مجرد نجاة من عدو، او هروب من محنة، لقد كانت الهجرة فاتحة تاريخ جديد وكانت بالنسبة للمسلمين في الارض، ابتداء وجودهم وتاريخهم فصار التاريخ الهجري، المبتدأ في هجرة الرسول صلى الله عليه واله وسلم هو سمة هذه الامة على مدار القرون وبه ومن خلاله تعرف.
وكانت الهجرة من مكة المكرمة الى المدينة المنورة اعظم حدث حول مجرى التاريخ، وغير مسير الحياة ومناهجها التي كانت تحياها، وتعيش محكومة بها في صور قوانين ونظم واعراف وعادات واخلاق وسلوك للافراد والجماعات وعقائد وتعبدات وعلم، ومعرفة، وجهالة وسفه ، وضلال وهدى ، وعدل وظلم . وفي هجرة النبي صلى الله عليه واله وسلم وقعت معجزات حسية ، وهي دلائل ملموسة على حفظ الله ورعايته لرسوله ومن ذلك نسيج العنكبوت على فم الغار، ومنها ما جرى لرسول الله مع ام معبد وما جرى له مع سراقة ووعده اياه بان يلبس سواري كسرى، فعلى الدعاة ان لا يتنصلوا من هذه الخوارق، بل يذكروها ما دامت ثابتة بالسنة النبوية، على ان ينبهوا الناس على ان هذه الخوارق هي من جملة دلائل نبوته ورسالته صلى الله عليه واله وسلم . وما اروع ان تقف لحظات تنظر في دروس الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة الى المدينة المنورة وننظر بعمق في فصول الهجرة ودروسها، ونتعلم منها جوانب مضيئة من حياة رسول الله والذي لم يخرج من مكة مهاجرا الى المدينة الا بعد ان اذن له الله عز وجل بذلك، وبعد ان صبر وتحمل واحتسب وعانى ماعاناه من البلايا والرزايا والاذى من اهله وذويه، ثم ممن حوله من الذين كرهوا ان تظهر كلمة الله عز وجل وان تكون كلمته سبحانه وتعالى هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى. ومن ينظر في قضية الهجرة النبوية الشريفة يلاحظ ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان متعلقا بمكة المكرمة .هذه المدينة الطيبة الطاهرة، وقد احبها وولد فيها، وعاش ونشأ وترعرع فيها ونزل عليه الوحي من الله في غار حراء بهذه المدينة ، والتي قال فيها رسول الله وهو يخرج منها مهاجرا قولته المشهورة” اللهم اخرجتني من احب البقاع الي فأسكني في احب البقاع اليك “.ولا شك ان الحبيب صلى الله عليه واله وسلم قد اكرمه الله بالهجرة من حرم الى حرم وكلا المدينتين ذات فضل وبركة وهما احب المدن الى الله تعالى، ثم الى رسوله، ففي الاولى كانت نشأته ، والثانية كانت اليها الهجرة وفيها مضجعه الاخير. وقد اختار الله الاولى مكانا لبيته والثانية لمسجد رسوله فحددهما وعينهما وامر الناس بالحج الى الاولى وبالهجرة الى الثانية فكانت في حياته صلى الله عليه واله وسلم قبل الفتح واجبة وصارت بعده مندوبة ، دعا للاولى ابراهيم عليه السلام، وللثانية اكرم ولده صلى الله عليه واله وسلم وجعل القلوب تهوي اليهما .ومكة المكرمة والمدينة المنورة مدينتان ضوعف اجر الصلاة فيهما، وشد الرحيل اليهما، وفي ماء الاولى وتراب الثانية وتمرها الشفاء وبعض اجزائها من الجنة، ويئس الشيطان ان يعبد فيهما ، وجعل رزقهما من ثمرات الارض، وحرم دخول الكفار اليهما، ومنع الدجال منهما، وجعلهما الله تعالى حرما آمنا، فحرم الصيد وتنفيره فيهما وحرم قطع الشجر والكلأ والتقاط لقطتهما وحمل السلاح للقتال وسفك الدماء فيهما، لا يختلى خلالهما ، ولا ينفر صيدهما ، ولا تلتقط لقطتهما . للملحد فيهما اشد العقوبة ولمن اذى اهلهما النكال، وهما اخر البلاد حرم على غير المسلمين غزوهما ومنعهما من الجبابرة . ومن القضايا المهمة التي لابد ان نتدبرها في قضية الهجرة ان الرجال الذين هاجروا معه والنساء الذين تبعوهم على الرغم من انهم كانوا قلة وضعفاء الا انهم كانوا اقوياء بايمانهم وصبرهم واحتسابهم . وقد اعانهم الله واكرمهم وكرمهم ورفع شأنهم .ومع قدوم العام الهجري الجديد يعيش العالم الاسلامي في مناخ روحي متميز مع الذكرى التي تمثلها الهجرة النبوية الشريفة وما تضمنته من دروس وعبر متجددة تمثل املا في الخروج من هذا الواقع الاليم الى اوضاع اخرى افضل تمتد اثارها لتشمل كل نواحي حياة المسلمين، وهذه المناسبة هي بمثابة موسم يتكرر كل عام وهي مناسبة للتأمل والتدبر والوقوف مع النفس حيث تمر على الخاطر هذه التأملات في النفس الانسانية، وهي في حالة الصحة النفسية او الاضطراب النفسي.. فالاسلام دين حياة يضمن التوازن بين الدنيا والاخرة ويهتم المنظور الاسلامي بالجوانب الروحية والمادية في حياة الانسان . ويضمن تحقيق التوازن بينهما .وتركز تعاليم الدين الاسلامي على التنشئة السوية للانسان وغرس القيم والاخلاق القويمة التي تحقق السلوك السوي والاتزان النفسي، فالمسلم يجب ان يؤمن بالله وبالقدر خيره وشره ويجب ان يعبد الله ويذكره في كل المواقف .ان رسول الله يعلمنا الدروس في هجرته ولذلك فقد حرص عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ان يؤكد على قضية هامة” عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي “ لانه القدرة ولانه الاسوة ولان هؤلاء الرجال اخذوا عنه، وهذا رب العالمين يأمرنا بطاعته” من يطع الرسول فقد اطاع الله “ ويقول عز وجل” اطيعوا الله واطيعوا الرسول “ ثم يجعله القدوة والاسوة” لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر “.ومن الواجب هنا ان نحرص كل الحرص على ان نستفيد من هذه المناسبة ونعود الى الله ونتوب توبة نصوحة ، فهذا رسول الله في غمار المعارك يثوب الى الله ويستغفر الله ويلجأ الى الله بالدعاء ويعلمنا ان نعود الى الله عز وجل وان العودة الى الله والتوكل عليه والايمان الكامل والصادق بان الامور كلها بيد الله، وان نتعلم ونحن نتابع هذه الدروس والاحداث ان الحب لرسول الله يبدأ من الاتباع والالتزام بكل ما جاء به الرسول وهذا التوجيه الرباني الواضح في ان حب الله عز وجل يبدأ ويتحقق باتباع الرسول الكريم والنبي العظيم صلى الله عليه واله وسلم .
| |
|